لماذا تأسست أصدقاء
لقد كانت قضية اللاعب السابق متصدرة المشهد على مدى سنوات طويلة، فمنذ السبعينات الميلادية وما تلاها كان اللاعبون السابقون يزاولون كرة القدم كهواية، فلم تكن الأموال كما هي الآن، ولم تكن الرياضة مطمعاً لأحد إلا أن هؤلاء النجوم تصدوا للمهمة، وصنعوا كرة القدم السعودية، فصعدوا بها إلى المنصات وبات العلم السعودي خفاقاً في أكبر الأحداث القارية والعالمية، فمن تحقيق كأس آسيا 1984م في أول مشاركة للأخضر السعودي في البطولة الآسيوية، إلى تحقيقها للمرة الثانية على التوالي في عام 1988م إلى الوصول لنهائيات كأس العالم 1994م وبلوغ دور الستة عشر في أول مشاركة، وما تلاها من إنجازات كبيرة، ويضاف إليها الصولات والجولات في كأس الخليج العربي، وإنجازات الأندية السعودية في البطولات القارية كل ذلك كان كفيلاً بأن تأخذ الكرة السعودية مكانتها في مصاف كبار القارة، وتسجل حضورها العالمي.
إلا أن أولئك النجوم بعد أن غادروا المستطيل الأخضر منهم الذين ترجلوا بسبب كبر السن، ومنهم من جعلته الإصابات أسيراً لمقاعد الاحتياط حتى غادرها مرغماً ومكرها، وجميعهم ابتعدوا عن المستطيل الأخضر، وفارقوا معشوقتهم ليجدوا أمامهم فضاء الحياة الأرحب، إلا أنهم وجدوه منهكين، ولا يملكون دخلاً مالياً يعينهم على تلبية طلبات أسرهم، فحاولوا وحاولوا إلا أن الحياة تتغير، والمسؤوليات تكبر، والمطالب المالية تزيد يوماً عن آخر، وعفتهم تمنعهم سؤال الناس، والأضواء خفتت عنهم، فواجهوا مصيرهم وحيدين، وتناساهم الناس، وما لبثوا إلا وأن بدأت تعود الأضواء إلى بعضهم، ولكن هذه المرة بطريقة مختلفة، فهذا يسكن الشارع، والآخر يلاحقه الديانة، وثالث لا يجد ما يطعم آل بيته.. يا لها من أضواء مؤلمة مبكية.
ومع انتشار هذه القضية، بدأ الناس يتناولون قضية اللاعب السابق، ولكن من دون حلول تذكر، ولم يتصدّ أحد لهذه المشكلة، حتى انبرى قائد ملهم عندما كان لاعباً، وحتى بعد اعتزاله ليبدأ التفكير في حل هذه القضية، وانتشال زملائه اللاعبين السابقين من قسوة الحياة وظروفها إلى رغد العيش، ومن غياهب النسيان إلى تصدر المشهد، ليشحذ الهمم، ويوحد الصف في مواجهة قضية اللاعب السابق وحلها، مستغلاً بذلك وطناً لا يعرف إلا العطاء، وطناً لا ينسى أبناءه المنجزين.
شرارة الإنطلاقة
انبرى ماجد أحمد عبد الله لهذه المشكلة، وحمل لواء قضية اللاعب السابق، فبدأ يفكر ويفكر في تأسيس كيان مستدام يكون سنداً لهؤلاء النجوم، فقد كان ماجد واحداً منهم في يوم من الأيام، شجع بعضـا منهـم فـي صـفـره وبداياته الكروية، وزامل آخرين في بداية مسيرته الكروية، وقاد آخرين إلـى منصات التتويج، لطالما أسعد جماهير متعطشة للإنجازات، وسعى بخطوات وثابة لإسعادهم؛ فمن تسجيل الأهداف، وفرحة البطولات، وما يتخللها من ألم الإصابات، ومشقة التنقلات، إلى التفكير في زملاء الأمس بعد أن ضاقت بهم السبل.
فكل يوم يطالع خبراً يحكي قصة لاعب سابق يعاني من مشاكل مالية، وصعوبات كثيرة، وكذلك تصلة اتصالات كثيرة من زملاء يحكون له معاناة زملاء آخرين، كل ذلك أشعل بداخله الألـم علـى حــال نجـوم صنعوا تاريخاً ناصعاً لامعاً بالبطولات لينطلق قائد المنتخب السعودي، ونادي النصر السابق الكابتن ماجد أحمد عبد الله في رحلة مليئة بالمتاعب والمشقة، يغلفها الجانب الإنساني الذي عُرف عن ماجد، ويدفعة ثقته في هذا الوطن وأبنائه الذين تعودوا على العطاء، ورد الوفاء لمن أنجزوا.. وفي الصفحات التالية نحكي لكم قصة تأسيس كيان يمضي اليـوم فـي عامـهِ التاسع آخذاً مكانة بين منظمات القطاع غير الربحي، ذلك الكيان الذي كان حلماً فبات واقعاً وحاضناً لأولئك النجوم، وهذه القصة تخللها صعوبات وتحديات لم تثن العزيمة، ولم تقف في طريق النجاح.
قصة التأسيس
في يوم من الأيام، وبعد تفكير مستفيض قرر ماجد عبدالله أن يبدأ رحلة تأسيس جمعية خيرية طبقاً للأنظمة والتشريعات في وطن الخير والعطاء، فبدأ اتصالاته ولقاءاته مع شخصيات رياضية واجتماعية يبحث معهم تأسيس هذه الجمعية، وبعد أن أقنع مجموعة كبيرة من الشخصيات، انطلق في إعداد ملف تأسيس مكلفاً فريقاً مختصاً بذلك، ومشرفاً على كل مراحل بناء الملف، ومن ثم التقى بالأعضاء المؤسسين في لقاء يناقش هذا الملف ويطوره، ويختار الخطوات اللاحقة، ومن يتولاها، وما أن اتفق الأعضاء المؤسسون على كل شيء؛ إلا وكلفوا الكابتن ماجد عبد الله بحمل لواء هذه المبادرة، ويختار الفريق الذي يرغب في أن يكون معه، وفعلاً بدأ ماجد عبد الله ومعه الاستاذ فهيد الدوسري، والمهندس فهد المطوع، في رحلة التأييد والتأسيس متنقلين بين شخصيات قيادية، وجهات رسمية.
أولى الخطوات
ولأنها جمعية تُعنى بالرياضيين، بدأ ماجد عبد الله رحلته التأسيسية بزيارة للرئيس العام لرعاية الشباب – وزارة الرياضة حالياً – صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود ليعرض عليه الفكرة، ويحصل على دعمه وتأييده، والذي بدوره أشاد بهذه الفكرة العظيمة، وأكد دعمه مادياً ومعنوياً تأسيس هذا الكيان.. هـذا الدعـم أعطى فريق التأسيس بقيادة ماجد عبد الله دفعة كبيرة نحو الخطوة التالية.
وبالفعل اتجه ماجد عبدالله وفريقه إلى وزارة الشؤون الاجتماعية في ذلك الوقت. وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية حالياً – والتقى مع وزيرها في تلك الفترة معالي الأستاذ ماجد بن عبد الله القصبي، الذي أبدى هو الآخر إعجابه الكبير بهذه الفكرة، وبعد مناقشة مثرية وافق معاليه على تأسيس الجمعية طبقاً لنظام المؤسسات والجمعيات الأهلية، ووجه المعنيين في الوزارة لإنهاء هذا الملف، لتصدر بعد ذلـك الموافقة الرسمية، وتسجل جمعية أصدقاء لاعبي كرة القدم الخيرية في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية برقم (704) ، وتاريخ 08/01/1437هـ طبقاً لأحكام لائحة الجمعيات والمؤسسات الخيرية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (107)، وتاريخ 25/06/1410هـ وقواعدها التنفيذية الصادرة بقرار وزير الشؤون الاجتماعية “وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية” رقم (82256) ، وتاريخ 20/08/1433هـ، والتعليمات الصادرة بمقتضاها، ومركزها الرئيسي مدينة الرياض.
وبذلك تأسست أول جمعية في مجالها بالشرق الأوسط ومنذ اللحظات الأولى جعلت عملها في إطار مؤسسي منظم، يضمن استدامة الأثر، والانتقال من مرحلة الرعاية الصرفة إلى الرعاية المقرونة بالتنمية والتمكين، والتي تهدف إلى تحويل المستفيد تدريجياً من متلقي للخدمة إلى مستغني عنها ليصل في نهاية المطاف إلى مساند في تقديم الخدمة.